حذفت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي المغربية مواد من كتب التربية الإسلامية للمرحلة الإعدادية كان آخرها استبعاد آية الحجاب وحديث شريف إضافة إلى صورة لها صلة باللباس الشرعي للمرأة المسلمة وذلك بدعوى "تفادي التشدد".
واعتبرت من جانبها جمعية "التربية الإسلامية" -المعنية بالدفاع عن تدريس الدين الإسلامي على أكمل وجه في المدارس المغربية- أن هذه الخطوات تستهدف "حصار" مادة التربية الإسلامية في مدارس المغرب.
وفي حديث لـ"إسلام أون لاين.نت" أوضح عبد الكريم الهويشري رئيس جمعية التربية الإسلامية (غير حكومية) أن "الآية التي تم حذفها هي الآية 31 من سورة النور، وهي قول الله تعالى: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن".
أما الحديث فأفاد الهويشري بأنه "قول الرسول الكريم فيما رواه أبو داود في مسنده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل".
كما أكد أن كتاب "إحياء التربية الإسلامية" الذي تضمن الآية الكريمة والحديث الشريف تم سحبه من المدارس الإعدادية لفترة قبل أن يعود للتداول بعد الحذف.
يأتي ذلك في أعقاب إجراء مماثل أقدمت فيه الوزارة على حذف صورة فتاة صغيرة محجبة تقبل يد أمها من كتاب "الواحة" الذي يدرس كذلك في مادة التربية الإسلامية لطلاب الصف الإعدادي.
وفي جوابه على سؤال وجهه الأسبوع الماضي نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية المعارض، برر الحبيب المالكي وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يساري)، الحذف بقوله: إن "الوزارة لجأت إلى هذا الإجراء لتفادي التشدد في اللباس الذي تبرزه تلك الصورة". كما اعترف الوزير خلال رده بحذف الآية الكريمة والحديث الشريف.
تبرير الوزير لقي تنديدا شديدا من الهويشري الذي اعتبره "مرفوضا وغير مقبول بالمرة، ومحاولة من الوزير لتكريس سياسة الأمر الواقع، رغم تنافي هذا الإجراء مع هوية الأمة ومبادئها الدستورية التي تنص على أن الإسلام دين الدولة وأن جميع القوانين يجب أن تكون منسجمة وتعاليم الدين الحنيف".
وأوضح الهويشري أن الصورة وردت في سياق درس يتحدث عن بر الوالدين وإظهار أهميته ومكانته العالية في الإسلام.
جهات مشبوهة
واتهم رئيس جمعية التربية الإسلامية "جهات مشبوهة معادية للهوية المغربية" بممارسة ضغوط قوية على بعض المطابع ولجان التأليف الحكومية لإجبارها على حذف محتويات كتب مواد إسلامية صادقت عليها بالفعل لجان وزارية مختصة.
ومضى الهويشري قائلا: "يبدو أن الضغوط التي مارستها جمعيات نسائية معروفة بخطها العلماني المتحرر نجحت في تحقيق مبتغاها بدفع الوزارة لحذف الصورة نهائيا من الكتاب المدرسي الذي يتعلم فيه الطلاب منذ أربع سنوات".
ويفيد مراسل "إسلام أون لاين.نت" بأنه سبق لجمعيات نسائية مغربية بالفعل أن انتقدت الصورة الواردة في الكتاب، وشنت حملة إعلامية قوية ضدها، متهمة إياها بتكريس "الصورة التقليدية للمرأة".
ويلفت مراقبون إلى أن هذه الجمعيات تنظر للحجاب على أنه "تكريس لدونية المرأة ولخضوعها لسيطرة الرجل".
وشدد رئيس جمعية التربية الإسلامية على أن مثل هذه الإجراءات تأتي في سياق تداعيات هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، حيث فرضت واشنطن وحلفاؤها على كثير من الدول الإسلامية تغيير مناهجها في التعليم.
وأبدى الهويشري أسفه على أن السياسة الأمريكية تلك وجدت آذانا صاغية من طرف بعض المسئولين المغاربة، خاصة المنتمين إلى اليسار، والذين يشاركون في الحكومة منذ عام 1997.
محاصرة التربية الإسلامية
واعتبر رئيس جمعية التربية الإسلامية أن "هذه التضييقات تأتي ضمن خطوات محاصرة مادة التربية الإسلامية التي تتخذ في حقها إجراءات من حين لآخر، بهدف إفقادها أدوات اشتغالها وحرمانها من الشروط الضرورية لتحقيق الهدف المرجو منها".
لكن الهويشري أكد أن "هذه المادة ستبقى صامدة في وجه المخططات التي تنفذ ضدها". وضرب على ذلك مثلا بتحرك عدد من الهيئات المدنية والسياسية في مواجهة محاولة وزارة التربية الوطنية خلال الشهور الأخيرة تقليل حصص التربية الإسلامية بشكل كبير؛ مما أجبر الوزارة على التراجع عن مخططها.
وطالب الهويشري جمعيات أولياء الأمور وجمعيات المعلمين والجمعيات المدنية والسياسية إلى جانب المسئولين، بالتعاون لإنجاح المادة، وتوفير مقوماتها كزيادة نسبة حصصها، وإعداد المدرسين المتخصصين؛ وذلك لتؤدي المطلوب منها باعتبارها "المادة التي تحافظ على مبادئ الشعب المغربي وثوابته الحضارية".
وضمن مساعي واشنطن لتعديل المناهج التعليمية في الدول الإسلامية، أشادت الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي حول "الحريات الدينية في العالم"، والذي صدر الشهر الماضي، بالخطوات التي اتخذتها السعودية فيما أسمته تنقيح المناهج التعليمية من الأفكار الداعية للتشدد الديني والتطرف.